حلبجة ذات القامة الكردستانية السامقة بطول أشجارها المعمرة
حلبجة وقبل أن تسبح في بركة دماء الغدر والعدوان
كانت شدة وردٍ من ربيع نوروزها، وكانت واحة من شقائق النعمان
حلبجة لم ترتكب جنايةَ ولم تدّبرَ أنقلاباً ضد البعث
بل كانتْ قلادةً من الجمال ورمزاً لعنفوان الأنسان
حلبجة كانت عنوان عشق الفن والشعر
هكذا غنّى لوجعها شاعرنا الحزين رفيق صابر وشِفاننا الشجّي
من لحنٍ حزينٍ وأدمعت لهاعيون ولي ديوانه وبيكه سٍ وگوران
كانت حلبجة في ذلك المساء
في لقاء الحُب مع أسراب الحمام
لم تكن جلبجة طائرة حربية تقصف الأطفال والنساء
ولا قوةً مهزومةً في معارك قمع التمّرد
في سورين وناوزَنك وچومان
ولا نمراً من ورقٍ في جولان
حلبجة كانت قبل ظهر ذلك اليوم
نشوى موال هورامي بَريء
يناغي حبيب الروح في مهاباد وكركوك وآماد وعفرين
وبارزان ولم تكن تدري خنقها بالخردل المميت
ولم تعرف بحتفها يكون وصمة عارٍ
في جبين سكوت أهل الضمائر
وأدانة لكل مدّع بحماية حقوق الأنسان
كانت حلبجة وثيقة براءة من العروبة
بشهادة هادينا العلوي وفي صرخة صاحب النخلة والجيران
عراقينا المغترب غائب طعمة فرمان
أنا لا أعزي حلبجة لوحدها في مأساة ذكراها
بل في جُرحها أنين 182 ألف مؤنفل مُطمّر
من طويلة وميركة سور وعين سفني
حتى آخر قرية مُهدّمة على ساكنيها في تخوم گرميان
في ذكراكِ نبكي َفقَد حبيبة وأم وأخت
مُزّقت شعارات الكرامة والشرف عفتها
ومتى كان أهل الدّم والحروب شرفٌ
أنهم دعاةٌ الدّمار وتهديدهم أحفّه سمل العين وقطع اللسان باللسان
في ذكراكِ أزرع أرضكِ المحترقة منذ عقدين بزهور الأعمار
وتقبيل خدود أهلكِ كلَّ صباحٍ ومساء
ولم يَدّعوا بالوطنية الفارغة لحظةً
ولم يسطو يوماً على خيراتكِ بأسم مأساتكِ
ولم يطلقوا لتصريحاتهم الكثيرة العَنان
وهذي حلبجة تعاتب الأنسانية في ذكراها يا أهل الوجدان
وهي لا تبارح حُزنها أنها فقدت ربيعها
ولا تهتدي للفرح في أي مكان
في حلبجةَ تتجدد المأساة كلّ يومٍ وليست كلّ عام
لا تندمل جراحها الغائرة
لحين قصاص قتلة طيورها
وكل مّن تسّببّ في خنقها بصُنع القنابل
وشَحنها عبَر المُحيط والخليج
وكلّ مَن سقطت مبادئها
في وحل شعارات أولاد قحطانٍ أوعدنان
في ذكراكِ أعُزي محمودنا الحفيد
وقاضينا الشهيد
وأسَدَنا المُصطفى رَمز تعريف الكُرد في العالم
تبقينَ حلبجة في رُوحنا الحيّة وشماً أبدياً
وفي قلوب محبيك قمةًً للإدانةِ
عندما تذبح المدينة ويدفن في خرابها
وجه الطفل وحنان الأم وضراعة الشيخ
لا تقتلونا نحن إخوانكم الكرد
ومثلكم نُحبّ الحياة ونمجّد الإنسان
الله لمأساتكِ المهوّلة لوكنتِ محميةً نفطية
أوصاحبة نفوذ في مجلس الأمن
يا أصحاب الفخامة والعروش
حلبجة الشهيدة تخاصمكم أبد الدّهر
وبَعدَ صَمتكم المُريب لا تناشد عَونكم ولا تستجدي الوجدان
[email]حكيم نديم الداوودي[/email]